لليان تراشر

لم تختلف شخصية لليان تراشر في أوجه كثيرة عن غيرها من النساء، فقد كانت منذ بداية شبابها فتاة تتميز بصفات وخصال عادية وإن كانت هذه الصفات والفضائل في تعددها هي التي صاغت شخصية متعادلة الجوانب. دعنا نتأمل في العناصر التي تدخلت في تكوين شخصيتها وتشكيلها على النحو الذي إستخدمه الرب لمجده في بلادنا المصرية في رعاية الطفولة وإعدادها لمستقبل أفضل لمجد السيد وخير الوطن.

“لليان” عرفت الله.

*  عرفته مخلصاً لها : ففي مقتبل عمرها، وفي إجتماع في بيت إحدى صديقات العائلة سمعت لليان عن المسيح المخلص من الخطايا، ولم تنس لليان صلاتها التي رفعتها من قلبها لإلهها في غابة مجاورة للبيت حيث تقابلت مع الله. ومرت الأيام واعتمدت لليان في الروح القدس والتحقت بكلية لدراسة الكتاب المقدس.

* عرفته مؤيداً لها فى الخدمة : تأكدت لليان من دعوة الرب لها للخدمة في بلاد غير بلادها وشعب غير شعبها.  وكان يقينها دافعاً لإطاعة صوت الرب لها رغم إرتباطها العائلي بأسرتها وخطيبها الذي كادت تُزف له بعد عشرة أيام.  لذلك ورغم كل المعوقات حضرت إلى بلادنا فى عام 1910 واستخدمها الرب في تأسيس دار وملجأ للنفوس المتألمة والمحتاجة إلى معونة الرب الروحية والزمنية.  لقد عرفت الله الذي يدعو وفي دعوته وعد بالإتمام وفاق إدراكها وإيمانها في معرفتها لإلهها مجرد الإيمان المخلِّص إلى الإيمان المعجزي وهي تخدم العشرات والمئات ومع السنين الآلاف من الأطفال الذين تربوا في دارها.  لقد عاينت واختبرت معهم معجزات الإله الذي يشفي من الأمراض ويحمي من الكوارث والأخطار ويملأ كل إحتياج حسب غناه في المجد.  وهكذا تمتعت لليان في حياتها بالإيمان كثمرة من ثمر روح الله الساكن في قلبها.

“لليان” إمتلأت بالرجاء والأمل.

^{* بالنسبة لذاتها كانت دائماً تتطلع إلى الله وملؤها الأمل والرجاء فى شخصه.  فمنذ البداية سمحت للرب أن يتدخل فى حياتها ويرسم لها مستقبلها، وأن يفجر طاقاتها الروحية الكامنة فيها مدركة أن هذا لا يتأتى إلا بالعمل الشاق، فثابرت وهي تعلم أن النجاح في الحياة والخدمة ليس وليد يوم وليلة.  فتهذبت وتعلمت وبذلت كل ما في وسعها إنطلاقاً من الأمور البسيطة فبدأت بطفل صغير واحد، والرب هو الذي أكمل المعجزة الكبرى في حياتها.  لقد كانت دائماً تقول: “يا رب: يا من تقدر على إنجاز الأمور البسيطة، ثقتي كاملة أنك تستطيع إنجاز الأمور العظيمة التي تفوق قدرتي المحدودة”.}

*  بالنسبة للآخرين أيضاً إمتلأ قلب “لليان” بالأمل والرجاء متطلعة إلى إلهها أن يخلص النفوس الهالكة الرازحة تحت ثقل الخطية، وأن يهب فرصة الحياة الكريمة للذين لا يجدون من يسندهم ويشد من أزرهم من الفقراء ذوي الحاجة.  جاءت إلى بلادنا تكرز بالإنجيل. وضعت حياتها في خدمة الآخرين.  وأثبتت لها الأيام أن رجاءها وثقتها في إلهها من أجل النفوس صادقة، فقد تخرج من دارها ما يزيد عن 30.000 ثلاثون ألف من النفوس الغالية، جاءوا إليها وتخرجوا رجالاً ونساء يشرف بهم المجتمع، وتكرس من بينهم عدد ليس بقليل في خدمة السيد.

“لليان” جسدت المحبة.

أحبت “لليان” المسيح، فوق كل إعتبار حيث تركت كل شئ وتبعته، رغم أنها أحبت أهلها وبلادها وخطيبها، لكنها أحبت الرب أكثر من هؤلاء جميعاً ونفذت وصيته، فأحبَّت الرب من كل قلبها ومن كل فكرها ومن كل قدرتها وأحبَّت قريبها كنفسها.  وفى سبيل الآخرين ثابرت وضحَّت وصمدت في وجه الصعاب والملمات والمشاق لم يزعزعها شئ. ولأنها أحبت، فقد طردت المحبة كل خوف من حياتها وتشددت وتشجعت بالرب. لا خوف من الغريب غير المعتاد ولا من المجهول في الحاضر والمستقبل. لقد بُذِلت “لليان” في محبة الآخرين، وتجسدت المحبة في محبتها للأطفال.  ولا تزال آثار تلك المحبة التي انسكبت في قلبها بالروح القدس تنعكس على الآخرين لأجيالٍ يرجى لها الدوام.  وبالإجمال لقد تعددت هذه الصفات للإيمان العامل بالمحبة لتشكل حياة شخصية بارزة سوف نذكرها ولن ننساها هي شخصية “ماما لليان”.  وستبقى ذكراها ما بقيت رسالتها وما بقيت خدمة هذه الدار التي أسستها.